كتاب: فتاوى الرملي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتاوى الرملي



(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ التَّذْكِرَةِ إنَّ بَابَ التَّوْبَةِ يُفْتَحُ بَعْدَ تَغَلُّقِهِ وَحِينَئِذٍ تُقْبَلُ التَّوْبَةُ هَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ ذَكَرَ الثَّعْلَبِيُّ فِي حَدِيثٍ فِيهِ طُولٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مَعْنَاهُ أَنَّ الشَّمْسَ تُحْبَسُ عَنْ النَّاسِ حِينَ تَكْثُرُ الْمَعَاصِي فِي الْأَرْضِ وَيَذْهَبُ الْمَعْرُوفُ فَلَا يَأْمُرُ بِهِ أَحَدٌ وَيَفْشُو الْمُنْكَرُ فَلَا يُنْهَى عَنْهُ وَتَسْجُدُ مِقْدَارَ لَيْلَةٍ تَحْتَ الْعَرْشِ كُلَّمَا سَجَدَتْ وَاسْتَأْذَنَتْ رَبَّهَا تَعَالَى مِنْ أَيْنَ تَطْلُعُ لَمْ يُحَرْ إلَيْهَا جَوَابٌ حَتَّى يُوَافِيَهَا الْقَمَرُ فَيَسْجُدُ مَعَهَا وَيَسْتَأْذِنُ مِنْ أَيْنَ يَطْلُعُ فَلَا يُحَارُ إلَيْهِمَا جَوَابٌ حَتَّى يَحْبِسَهَا مِقْدَارَ ثَلَاثِ لَيَالٍ لِلشَّمْسِ وَلَيْلَتَيْنِ لِلْقَمَرِ فَلَا يَعْرِفُ طُولَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ إلَّا الْمُجْتَهِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَهُمْ يَوْمَئِذٍ عِصَابَةٌ قَلِيلَةٌ فِي كُلِّ بَلْدَةٍ مِنْ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ.
فَإِذَا تَمَّ لَهَا مِقْدَارُ ثَلَاثِ لَيَالٍ أَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَيَقُولُ إنَّ الرَّبَّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَأْمُرُكُمَا أَنْ تَرْجِعَا إلَى مَغَارِبِكُمَا فَتَطْلُعَا مِنْهُ، وَإِنَّهُ لَا ضَوْءَ لَكُمَا عِنْدَنَا وَلَا نُورَ فَيَطْلُعَانِ مِنْ مَغَارِبِهِمَا أَسْوَدَانِ لَا ضَوْءَ لِلشَّمْسِ وَلَا نُورَ لِلْقَمَرِ مِثْلُهُمَا فِي كُسُوفِهَا قَبْلَ ذَلِكَ فَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} وَقَوْلُهُ: {إذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} فَيَرْتَفِعَانِ كَذَلِكَ مِثْلَ الْبَعِيرَيْنِ وَالْفَرَسَيْنِ فَإِذَا بَلَغَتْ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ سُرَّةَ السَّمَاءِ وَهِيَ مُنْتَصَفُهَا جَاءَهُمَا جِبْرِيلُ فَأَخَذَ بِقُرُونِهِمَا وَرَدَّهُمَا إلَى الْمَغْرِبِ فَلَا يُغْرِبُهُمَا مِنْ مَغَارِبِهِمَا وَلَكِنْ يُغْرِبُهُمَا مِنْ بَابِ التَّوْبَةِ ثُمَّ يَرُدُّ الْمِصْرَاعَيْنِ ثُمَّ يَلْتَئِمُ بَيْنَهُمَا فَيَكُونُ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا صَدْعٌ فَإِذَا أُغْلِقَ بَابُ التَّوْبَةِ لَمْ يُقْبَلْ لِعَبْدٍ بَعْدَ ذَلِكَ تَوْبَةٌ، وَلَمْ تَنْفَعْهُ حَسَنَةٌ يَعْمَلُهَا إلَّا مَنْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنًا فَإِنَّهُ يَجْرِي عَلَيْهِ مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّك لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إيمَانِهَا خَيْرًا}.
ثُمَّ إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ يُكْسَيَانِ بَعْدَ ذَلِكَ الضَّوْءَ وَالنُّورَ ثُمَّ يَطْلُعَانِ عَلَى النَّاسِ وَيَغْرُبَانِ كَمَا كَانَا قَبْلَ ذَلِكَ يَطْلُعَانِ وَيَغْرُبَانِ. اهـ.
فَعُلِمَ أَنَّ بَابَ التَّوْبَةِ بَعْدَ أَنْ يُغْلَقَ لَا يُفْتَحُ.
(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ ابْنِ هِشَامٍ فِي شَرْحِ شُذُورِهِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى كِلَا وَكِلْتَا فِي إعْرَابِ قَوْلِهِ: {إمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَك الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا} إلَى أَنْ قَالَ وَقِيلَ إنَّ (أَحَدُهُمَا) بَدَلٌ مِنْ الْأَلِفِ أَوْ فَاعِلُ يَبْلُغَانِ عَلَى أَنَّ الْأَلِفَ عَلَامَةٌ وَلَيْسَا بِشَيْءٍ فَتَأَمَّلْ فَمَا وَجْهُ التَّأَمُّلِ وَهَلْ هُوَ كَمَا قَالَ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ وَجْهَ تَأَمُّلِ ضَعْفِ الْإِعْرَابَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ؛ لِأَنَّ فِي أَوَّلِهِمَا إبْدَالَ الْبَعْضِ مِنْ الْكُلِّ ثُمَّ عَطْفَ الْكُلِّ عَلَيْهِ.
وَفِي ثَانِيهِمَا إلْحَاقَ عَلَامَةِ التَّثْنِيَةِ لِلْفِعْلِ مَعَ كَوْنِ فَاعِلِهِ مُفْرَدًا فَإِنَّ أَوْ لِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ فَالْإِعْرَابُ الْمُرْتَضَى فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَمَّا عَلَى الْقِرَاءَةِ الْمَشْهُورَةِ فَأَحَدُهُمَا فَاعِلٌ وَكِلَاهُمَا مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ وَالْأَلِفُ عَلَامَةٌ لِرَفْعِهِ؛ لِأَنَّهُ مُضَافٌ لِلضَّمِيرِ، وَأَمَّا عَلَى الْقِرَاءَةِ الْأُخْرَى بِالْأَلِفِ فَالْأَلِفُ فَاعِلٌ، وَأَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا وَفَائِدَةُ إعَادَةِ ذَلِكَ التَّوْكِيدُ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ نَسِيَ الْقُرْآنَ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ حِفْظُهُ أَمْ لَا فَإِنْ قُلْتُمْ بِوُجُوبِهِ فَهَلْ تَرْكُهُ كَبِيرَةٌ وَهَلْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْبَالِغِ وَغَيْرِهِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ نَسِيَهُ وَهُوَ بَالِغٌ تَهَاوُنًا وَتَكَاسُلًا كَانَ نِسْيَانُهُ كَبِيرَةً وَيَجِبُ عَلَيْهِ حِفْظُهُ إنْ تَمَكَّنَ مِنْهُ لِلْخُرُوجِ عَنْ الْمَعْصِيَةِ.
(سُئِلَ) عَنْ الْجَمْعِ الْمُحَلَّى بِاللَّامِ أَوْ الْإِضَافَةِ هَلْ هُوَ لِلْعُمُومِ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ عَهْدٌ لِتَبَادُرِهِ إلَى الذِّهْنِ كَمَا قِيلَ بِهِ أَوْ لَا وَهَلْ أَفْرَادُهُ آحَادٌ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا أَوْ لَا فَإِذَا قِيلَ بِأَنَّهُ لِلْعُمُومِ كَمَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُفْرَدِ الْمُحَلَّى إذْ هُوَ مِثْلُهُ عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَفِي قَوْلِ بَعْضِ الشُّرَّاحِ عِنْدَ قَوْلِ بَعْضِ الْمُتُونِ يَجِبُ الْحَجُّ عَلَى الْأَحْرَارِ إنَّمَا ذَكَرَ الْأَحْرَارَ وَمَا بَعْدَهُ بِلَفْظِ الْجَمْعِ مَعَ أَنَّهُ مُحَلًّى بِاللَّامِ، وَالْمُحَلَّى يَبْطُلُ فِيهِ مَعْنَى الْجَمْعِيَّةِ إذْ الْعَادَةُ جَرَتْ وَقْتَ خُرُوجِهِمْ بِالْجَمَاعَةِ الْكَثِيرَةِ مِنْ الرُّفَقَاءِ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ. اهـ.
وَفِي قَوْلِهِ إنَّ إخْفَاءَ الزَّكَاةِ أَفْضَلُ هَلْ هُوَ عَلَى إطْلَاقِهِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْجَمْعَ الْمُحَلَّى بِاللَّامِ وَالْإِضَافَةِ لِلْعُمُومِ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ عَهْدٌ؛ لِمَا ذُكِرَ؛ وَلِأَدِلَّةٍ أُخَرَ مِنْهَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِنَا فِي التَّشَهُّدِ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ فَإِنَّكُمْ إذَا قُلْتُمْ ذَلِكَ فَقَدْ سَلَّمْتُمْ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ لِلَّهِ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَأَفْرَادُهُ آحَادٌ فِي الْإِثْبَاتِ لِشُمُولِهِ أَفْرَادًا كُلُّهَا مِثْلُ الْمُفْرَدِ كَمَا ذَكَرَهُ أَئِمَّةُ الْأُصُولِ وَالنَّحْوِ، وَدَلَّ عَلَيْهِ الِاسْتِقْرَاءُ، وَصَرَّحَ بِهِ أَئِمَّةُ التَّفْسِيرِ فِي كُلِّ مَا وَقَعَ فِي الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ نَحْوَ: {أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ}، {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا}، {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اُسْجُدُوا لِآدَمَ}، {وَاَللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}، {وَمَا هِيَ مِنْ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ} إلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَلِهَذَا صَحَّ بِلَا خِلَافٍ نَحْوَ جَاءَنِي الْقَوْمُ أَوْ الْعُلَمَاءُ إلَّا زَيْدًا، وَإِلَّا الزَّيْدَيْنِ مَعَ امْتِنَاعٍ قَوْلِك جَاءَنِي كُلُّ جَمَاعَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ إلَّا زَيْدًا عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ الْمُتَّصِلِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَثْنَى مِنْ أَفْرَادِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ.
وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ عُمُومَ الْجَمْعِ مُسَاوٍ لِعُمُومِ الْمُفْرَدِ عَلَى الرَّاجِحِ وَلَكِنْ فُرِّقَ بَيْنَ الْمُفْرَدِ وَالْمُعَرَّفِ فَاللَّامُ الْجِنْسِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الْمُفْرَدَ صَالِحٌ؛ لَأَنْ يُرَادَ بِهِ جَمِيعُ الْجِنْسِ، وَأَنْ يُرَادَ بِهِ بَعْضُهُ، وَالْوَاحِدُ مِنْهُ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ} وَالْجَمْعُ صَالِحٌ؛ لَأَنْ يُرَادَ بِهِ جَمِيعُ الْجِنْسِ، وَأَنْ يُرَادَ بَعْضُهُ لَا الْوَاحِدُ؛ لِأَنَّ وِزَانَهُ فِي تَنَاوُلِ الْجَمْعِيَّةِ فِي الْجِنْسِ وِزَانَ الْمُفْرَدِ فِي تَنَاوُلِ الْجِنْسِيَّةِ، وَالْجَمْعِيَّةُ فِي الْجِنْسِ لَا فِي وَحَدَاتِهِ.
وَقَوْلُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ جَارٍ عَلَى الرَّاجِحِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَالْمُحَلَّى يَبْطُلُ فِيهِ مَعْنَى الْجَمْعِيَّةِ مَعْنَاهُ أَنَّ أَفْرَادَهُ حِينَئِذٍ آحَادٌ لَا جُمُوعٌ ثُمَّ أَفَادَ أَنَّ نُكْتَةَ التَّعْبِيرِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ الَّذِي هُوَ مَوْضُوعٌ لِلثَّلَاثَةِ فَمَا فَوْقَهَا مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ اللَّازِمِ مُوَافَقَةٌ لِعَادَةِ النَّاسِ فِي الْخُرُوجِ لِلْحَجِّ، وَيُسْتَحَبُّ لِلْمَالِكِ إظْهَارُ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ كَالصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ وَلِيَرَاهُ غَيْرُهُ فَيَعْمَلُ؛ وَلِئَلَّا يُسَاءَ الظَّنُّ بِهِ وَخَصَّهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِالْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ قَالَ أَمَّا الْبَاطِنَةُ فَالْإِخْفَاءُ فِيهَا أَوْلَى لِآيَةِ: {إنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ} فَإِنْ حُمِلَ كَلَامُ ذَلِكَ الشَّارِحِ عَلَى مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فَذَاكَ، وَإِلَّا فَهُوَ رَأْيٌ مَرْجُوحٌ.
(سُئِلَ) عَنْ الْقَائِلِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ وَمُنْكِرِ الْعِلْمِ بِالْجُزْئِيَّاتِ يَكْفُرَانِ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الرَّاجِحَ تَكْفِيرُ الثَّانِي لَا الْأَوَّلِ.
(سُئِلَ) عَنْ شَرْعِ مَنْ قَبْلَنَا إذَا وَرَدَ فِي شَرْعِنَا مَا يُقَرِّرُهُ هَلْ يَكُونُ شَرْعًا لَنَا أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَيْسَ شَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعًا لَنَا، وَإِنْ وَرَدَ فِي شَرْعِنَا مَا يُقَرِّرُهُ؛ لِأَنَّ شَرِيعَةَ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاسِخَةٌ لِجَمِيعِ الشَّرَائِعِ.
(سُئِلَ) عَنْ الْوَيْلِ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} هَلْ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ وَهَلْ هُوَ مُعَدٌّ لِمَنْ اجْتَمَعَ فِيهِ جَمِيعُ مَا فِي الْآيَةِ أَوْ مَنْ اجْتَمَعَ فِيهِ فَرْدٌ مِنْهَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَعْنَى الْوَيْلِ فِي الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ الْخِزْيُ وَالْعَذَابُ وَالْهَلَكَةُ، وَقِيلَ هُوَ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ وَظَاهِرُ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّهُ مُرَتَّبٌ عَلَى جَمِيعِ مَا فِي الْآيَةِ لَا عَلَى بَعْضِهِ.
(سُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ رِوَايَةُ الْحَدِيثِ قَبْلَ الْعِلْمِ بِثُبُوتِهِ وَصِحَّتِهِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَكْفِي فِي جَوَازِ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ غَلَبَةُ الظَّنِّ بِثُبُوتِهِ كَأَنْ رَوَاهُ مِنْ أَصْلٍ مُعْتَمَدٍ.
(سُئِلَ) عَنْ تَتَبُّعِ الرُّخَصِ هَلْ يَجُوزُ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمَذْهَبَ مَنْعُ تَتَبُّعِ الرُّخَصِ بِأَنْ يَخْتَارَ مِنْ كُلِّ مَذْهَبٍ مَا هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ.
(سُئِلَ) عَنْ قَوْله تَعَالَى: {إذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إنِّي مُتَوَفِّيك وَرَافِعُك إلَيَّ} الْوَفَاةُ الْمُرَادُ بِهَا انْقِضَاءُ الْأَجَلِ بِالْمَوْتِ أَمْ بِمَعْنًى آخَرَ وَهَلْ أُرْسِلَ وَرُفِعَ قَبْلَ الْأَرْبَعِينَ أَمْ بَعْدَهَا فَإِذَا فُرِضَ أَنَّهُ أُرْسِلَ قَبْلَ الْأَرْبَعِينَ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ هَلْ تَكُونُ خُصُوصِيَّةً لِذَلِكَ النَّبِيِّ أَمْ لَا وَهَلْ الْوَاوُ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَرَافِعُك إلَيَّ} لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ أَوْ لِلِاسْتِئْنَافِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الرَّاجِحَ فِي مَعْنَى قَوْله تَعَالَى: {إنِّي مُتَوَفِّيك} إنِّي مُسْتَوْفٍ أَجَلَك وَمُؤَخِّرُك إلَى الْأَجَلِ الْمُسَمَّى عَاصِمًا إيَّاكَ مِنْ قَتْلِهِمْ أَوْ قَابِضُك مِنْ الْأَرْضِ وَرَافِعُك إلَيَّ مِنْ غَيْرِ مَوْتٍ، مِنْ قَوْلِهِمْ تَوَفَّيْتُ الشَّيْءَ وَاسْتَوْفَيْته إذَا أَخَذْته وَقَبَضْته تَامًّا لِلرَّدِّ عَلَى النَّصَارَى حَيْثُ زَعَمُوا أَنَّ اللَّهَ رَفَعَ رُوحَهُ دُونَ جَسَدِهِ أَوْ مُتَوَفِّيك نَائِمًا وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَاَلَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} فَجَعَلَ النَّوْمَ وَفَاةً، وَإِنَّمَا رَفَعَهُ نَائِمًا لِئَلَّا يَلْحَقَهُ خَوْفٌ أَوْ أَنَّ الْوَاوَ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَرَافِعُك إلَيَّ} لَا تُفِيدُ التَّرْتِيبَ وَالْمَوْتُ بَعْدَ انْقِضَاءِ أَجَلِهِ أَوْ مُمِيتُك عَنْ الشَّهَوَاتِ الْعَائِقَةِ عَنْ الْعُرُوجِ إلَى عَالَمِ الْمَلَكُوتِ أَوْ أَنَّ فِي الْآيَةِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا تَقْدِيرُهُ إنِّي رَافِعُك إلَيَّ وَمُطَهِّرُك مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمُتَوَفِّيك بَعْدَ إنْزَالِك إلَى الْأَرْضِ وَقِيلَ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَاتَهُ ثَلَاثَ سَاعَاتٍ مِنْ النَّهَارِ وَقِيلَ سَبْعَ سَاعَاتٍ ثُمَّ رَفَعَهُ إلَيْهِ.
وَأَوْحَى اللَّهُ إلَى عِيسَى عَلَى رَأْسِ ثَلَاثِينَ سَنَةً وَرَفَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً فَكَانَتْ نُبُوَّتُهُ ثَلَاثَ سِنِينَ وَعَاشَتْ أُمُّهُ بَعْدَ رَفْعِهِ سِتَّ سِنِينَ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ مَاتَ بَعْدَ تَوْبَتِهِ مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ، وَأَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى دُخُولَهُ الْجَنَّةَ هَلْ يَشْرَبُهَا فِي الْآخِرَةِ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّ: «التَّائِبَ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ» أَنَّهُ يَشْرَبُهَا فِي الْآخِرَةِ.
(سُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ لِلْقَارِئِ وَهُوَ مَارٌّ فِي الْقِرَاءَةِ أَنْ يُسَكِّنَ آخِرَ الْحُرُوفِ وَهُوَ مَارٌّ مِنْ غَيْرِ وَقْفٍ وَهَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُحَرِّكَ الْوَقْفَ عِنْدَ الْوَقْفِ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ التَّسْكِينُ الْمَذْكُورُ؛ لِأَنَّ الْوَصْلَ بِنِيَّةِ الْوَقْفِ جَائِزٌ دُونَ التَّحْرِيكِ الْمَذْكُورِ.
(سُئِلَ) هَلْ مَنْ مَاتَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يُوقَى فِتْنَةَ الْقَبْرِ؟
(فَأَجَابَ) نَعَمْ وَرَدَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ: «مَنْ مَاتَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ وَقَاهُ اللَّهُ فِتْنَةَ الْقَبْرِ» وَمَعْنَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ رُؤْيَتِهِمَا وَسُؤَالِهِمَا خَوْفٌ وَلَا فَزَعٌ وَيُثَبَّتُ.
(سُئِلَ) عَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ نَصٌّ هَلْ يَجُوزُ لِلْمُجْتَهِدِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي أُصُولِ الدِّينِ أَمْ لَا.
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِلِاجْتِهَادِ فِيهَا.
(سُئِلَ) هَلْ الْأَفْضَلُ الْجِهَادُ؛ لِأَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ أَمْ الزِّرَاعَةُ لِأَجْلِ الْحَدِيثِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْجِهَادَ أَفْضَلُ.
(سُئِلَ) عَنْ مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ هَلْ وَرَدَ أَنَّهُمَا يَسْأَلَانِ الْأَطْفَالَ وَيُلْهَمُونَ الْجَوَابَ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الطِّفْلَ لَا يُسْأَلُ وَلَا مَجْنُونٌ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ تَكْلِيفٌ.
(سُئِلَ) هَلْ يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى طُولِ آدَمَ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَكُونُ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ ثُمَّ عِنْدَ دُخُولِ الْجَنَّةِ يَصِيرُونَ طُولًا وَاحِدًا فَفِي الْخَبَرِ الصَّحِيحِ: «يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ» وَفِي الْخَبَرِ الصَّحِيحِ فِي صِفَاتِ الْجَنَّةِ مَا ذَكَرْته.